عودة..
*****
في مقرهم الجديد انطلقت ضحكاتهم التي ظلت دهرا حبيسة في الصدور.. عاودتها تلك الذكريات.. دوما كان يقذفها بتهم ظالمة لا أساس لها من الصحة استهزاء وسخرية بها دوما يدعي أن بينها وبين الواقع أميالا ، وأنها تحيا دوما في شرود وعدم انتباه ، اتهمها بالغفلة والبلاهة إذا اقتضي الأمر ، ارتضت تلك السمعة فرارا من مجادلته ومهاترات لا طائل منها ، أسرتها له في نفسها .
كان يلقي عند قدميها أحماله دون كلمة شكر وكانت تزيلها دون ضجيج ، لكنها لم تستسغ أبدا انكاره كل جميل لها، تصاعدت المرارة الي فمها يوما بعد يوم ، و كأنما قد أجمع أمره علي النكران، ; ومازادتها قساوته إلا نفورا.
ذات ليلة ، كانت صامتة كعهدها ، بدأ مناوراته للسخرية منها ، لم تجد الا الصمت، فما يفيد معه المجادلة.. أثاره صمتها
_ مالك لا تجبين
_ ماذا أقول؟.. لن يعجبك ردي.
لطمها لطمة عنيفة تناثرت من فمها الدماء ازدادت صلابة ونظرت اليه في استعلاء ، أثاره صمتها، عاود اللطم لها ، استيقظ الأبناء علي صوت الضجيج ، تلاقت النظرات في تحد ، تعالي الصراخ، حذره الأكبر قائلا : _ إياك أن تفعلها ثانية.
زادته الكلمة عصبية وازداد هياجا ، تخوفت علي الصغار نقمته، استعانت بالصبر وصمتت للأبد ، منتظرة موعدا اتخذته بينها وبين نفسها.. لما نالوا شهاداتهم حملت متاعها وخرجت، تبعوها حيث ذهبت، فلن يستطيعوا التعامل مع جنونه مطلقا.. أعاد التفافهم حولها لها الحياة.
أمل عطية
