ورُوحِي تَدورُ وقلْبي يَسيرُ؛ *** غَزاني الصّفاءُ وجاءَ الْبَشيرُ
فَتحْتُ سَمائي لِصَدْري فَضاءً *** فصارَ فُؤادي جَناحاً يَطيرُ
رَكبْتُ الْغُيومَ بِلطْفِ الْأماني*** وصُغْتُ الْهُمومَ شُموعاً تُنيرُ
فقالَ الضِّياءُ : " أتُدْرِكُ مَعْنَى***سَلامِ الْهَوى والْحُروبُ نَفيرُ؟ "
وقال التّرابُ: " أتَعْرفُ مَبْنَى***بُروجِ الصَّدى والْفَراغُ كَبيرُ؟ "
وقال الْيَقينُ: " أأنْتَ ضِياءٌ ؟ *** أأنْت تُرابٌ ؟ أأنْت الْعَبيرُ؟ "
فقُلْتُ:" أنا مِنْ رُضابِ السَّواقي***وحُبِّي بِشَوْقِ الْوَفاءِ خَريرُ
وما كُنْتُ يَوْماً رَديفَ التّوارِي***وسِرَّي على النّورِ برْقٌ بَصيرُ"
فقالـــوا : " سَحَرْتَ الْقَوافي أهَـذا *** فألّفْتَ لحْناً سقاهُ الْأثيرُ
وجُلْتَ معَ الْوَحْيِ دُونَ رَفيقٍ***كأنَّكَ في الطَّيْفِ وَجْدٌ سَفيرُ"
تَناهَى الْحِوارُ إلى صَمْتِ عَصْرٍ***يُنادِي بِما صاغَ دَهْرٌ عَسيرُ
فبِتُّ أدورُ كَروحي على مَنْ*** تَراقَصَ حِيــنَ أتاهُ الزّفيــرُ
وها نحْنُ بَيْنَ الْوُجوهِ حَيارَى *** فمِنّا الطّليقُ ومِنّا الْأسيـرُ
وكُلٌّ يُشيرُ بِنَبْضِ الْمَنايا:***"إلى الْحَتْفِ حَتْماً يَكونُ الْمَصيرُ".
ــــــــــــــــــــــــــــــ
بومدين جلالي