..من التاب .......................إلى الكُتاب .
عنوان إستعرته من أخي و زميلي الإعلامي الصحفي المصري مهاب البارودي ....شدني العنوان و بداخلي الكثير من الأحاديث الملونة حول هذا الموضوع الشائك والمتشابك بين بدائية تعليم و تطور تقني .....فالعنوان ذكرني بفيلم مقاتل على الطريق ...لجورج ميللر ..فيلم كلما طالعته وجدته ينطبق على قومنا خاصة والعرب عامة ...شعوب تعيدها التكنولوجيا لبربرية العيش ....وينتقلوا للحضارة بطريقة عكسية ....كلما تطورت التكنولوجيا كلما سادت بمجتمعاتنا العربية ظاهرة تعود ل...الآلآف السنين ...بربرية العيش واللجوء للعنف في حلحلة كل متأزم ، هكذا ببساطة انتقلنا من مرحلة الكُتاب و العيش البسيط السلس إلى مرحلة التاب و التعقيد اللامنتهي في كل جوانب الحياة ، فلا شيء نتركه للبساطة أو حتى منطق التطبيق ، ولا شيء يوقفنا ونحن في مضمار التاب الإ سقوط مريع .
القلة في مجتمعاتنا العربية تتعامل مع التقنية بطريقة سلسة و تأخذ منها ماتريد و تتركها لمن يريد ، القلة ادركت كيف تتفادى الأوبئة بحجر و تعليم عن بعد ، وربما الأسباب كثيرة و المسببات متعددة فمنها ما يقع على كاهل الحكومات والتي بدورها تعاني سلحفائية التطور و حرباوية التنفيذ ، ومنها مايقع على عاتق المواطن أو ولي الآمر الذي لم يكلف نفسه عناء التعرف على عالم الإنترنت بحجة الوقت الضيق و السعي اللامنتهي أو حتى يعتبر نفسه غير مطالب بتعلمها لأنها طابع و نمط حياة شبابية تمارس من قبل اولاده و هو فقط يوفر ثمن الإشتراك و الجهاز ، في حين يكون المتعلم الصغير أمام خيارين إما أن يكون التاب منصته التي يعتلي بها درجاته العلمية أو ملعبه الذي يقضي به ساعاته في اللهو واللعب وفي الحالين يعيدنا السؤال إلى جوهر الموضوع ....لماذا لا تتعامل الشعوب العربية مع التكنولوجيا الحديثة بموضوعية أكبر و منطقية أعمق ؟
الصفاء الفكري بزمن الكُتاب منح العرب عقول واعية و قلوب متيقظة تنهل من كل معين و تجاهد بكل ما أوتيت لتكون بالمراتب العليا في سلم العلم ، في حين يحدث العكس مع زيادة السهولة في مناولة ادوات العلم ، بحيث اصبح الخمول و التسرب الدراسي والإتكالية المطلقة طابع اغلب الدارسين على مختلف مراحلهم العمرية ،ليس حكم يعمم لكنها ظاهرة مستشرية في مجتمعاتنا جعلت من الشبكة العنكبوتية وبال علينا أكثر من كونها معيناً لنا ، الجهل بالشيء من أشد الكوارث وطأة على العامة وعدم إدراك الغاية المرجوة منه تجعلك تتعامل معه باللامبالاة حتى تجد أن هذا المتروك بلا ضوابط نخر في عمق نسيجك النواة فأصبح الشتات الإجتماعي علامة تميز البيوت رغم اجتماع الأفراد بها و بات التلاعب و النصب و التطاول و الإساءة للذوق العام ميزة من يقضون جل وقتهم على شاشات الهواتف أو التاب ....نحن على ضفتين إحداهما ترفع نسبة نجاتنا والآخرى تغرقنا بهدوء ، إما أن تكون الجوائح والأوبئة نقطة تغيير و تطوير بحياتنا نحو الأفضل أو أن نكون جماعات بشرية تعاني الفقر والبطالة والجوع والمرض و ننتظر منظمات حقوق الإنسان لتتكرم الصحة العالمية لتحصي و الجهل لينهش اجيال واجيال .
التطور الذي نرجوه ليس الذي نراه فهما على تيارين متعاكسين ، وإن لم يمسك الأهل دفة المركب تهاوى الأبناء في وحل التقنية المقيت ، وإن تهاوى المتعلم إنهار التعليم وإن إنهار التعليم سقطت الشعوب في براثن الفوضى و الفوضى غنيمة ضعاف النفوس يتاجرون فيها بكل شيء ، الوقت والوباء رهان الشر لأجل الخير ومن يدرك فقد أوتي خيراً كثيراً.
وللحديث بقية...
# بقلم طيف عبدالله منصور.