متاهة .(3 )
المهندسين ...
المسافة ليست بعيدة من المهندسين إلى الزمالك ..حيث يوجد مقر المكتب الشعبي الليبي (السفارة )..مضت قرابة نصف ساعة قبل الوصول .كان الزحام على أشده عند الساعة الثامنة صباحا .كان علينا أن نقطع شارع جامعة الدول العربية .الشارع يتسع لعشرة سيارات من الرصيف إلى الرصيف .كل ما يزعج في الأمر أبواق السيارات التى لا تكف عن الزعيق .وقد هالني حجم الإشعارات المنتشرة على طول الطريق .والتى تدعو بطريقة ما أصحاب السيارات إلى الكف عن إستعمال المزامير لأنها تحولت إلى ظاهرة لا تطاق .
شارع جامعة الدول من الشوارع العربقة في القاهرة .على ضفتيه شيدت العمائر بأشكال هندسية غاية في الروعة .وبين الفينة والأخرى ثمة من يبيع الكتب على الناصية ..يستعملون ألواح منفرجة على هيئة مثلث وعلى كل واجهة ثبتت ألواح أقل حجما على هيئة حمالات لمجموعات مختلفة يفصل بينها كي لا تقع .مررنا على ميدان إسفنكس. وفي المقابل ميدان يتوسطه ثماثيل لجنود خاضوا حرب العبور .تلك الحرب التي شارك فيها جنود الدول العربية .وكان لليبيا دور كبير في هذه الحرب .حيث أشرف الزعيم الليبي بنفسه على إنطلاق الطائرات الحربية من قاعدة جمال عبدالناصر في ضاحية طبرق .
سكان القاهرة يقولون أن مصر هبة النيل .إذ أنه يشقها من الشمال إلى الجنوب .وقد أضفى مسحة هادئة. بنية فوقه الجسور .والمنارات التي تعلوها الأضواء .وبرج القاهرة يحيينا من بعيد كرمز لنهضة دامت فيما بعد حتى .. إكتسحت الصحراء من الرحاب إلى ستة أكتوبر .المعادي نفسها كانت شبه خالية من البشر .صار الزحام الآن لا يطاق .. و المصريين ودودين متسامحين إلى حد بعيد .يسعون من الصباح إلى المساء وراء لقمة العيش .ويعتقدون كثيرا في نسلهم الفرعوني .على الرغم من أن النبي يوسف تحققت رؤياه فيها وقد حكمها ذات عام. لكنني لم اسمع بإنتمائهم إلى هذا المجد العظيم ..ربما لأن الفراعنة تركوا تاريخا مختلفا تميزوا به عن باقي البشر .
المكتب الشعبي يقع وسط حي كبير .تحيط به العمارات .والقصور العريقة من كل جانب .القليل جدا من الدور الفارهة ماتم بنائها حديثا ..والمكتب الشعبي أحد هذه الأماكن التى تمتاز بماض عريق .فهو أشبه بقصر كبير .تحيط به الحدائق والأشجار من الداخل والخارج .وقد صمم بطريقة هندسية تليق بمقام دولة عريقة هي الأخرى مثل ليبيا ..
عند الإستقبال سألني الموظف المختص ..وهو شاب في العقد الثالث من العمر .لكنته كانت مميزة جدا ..يبدو أنه من صبراته. تقاسيمه بدوية وبشرته تميل إلى السمرة على عادة سكان الغرب الليبي ..
من حضرتك ..؟
كان مبتسما على الدوام .حاولت أن أبادله الإبتسامة بأحسن منها فقلت ..
أنا مستشار بالمركز الإعلامي الليبي .ولدي مقابلة مع القنصل ...
سرعان ما فتح الباب وهو يردد أنست أستاذ أنست. .
_________________
على غالب الترهوني
بقلمي
